الرحى من بين أهم الأدوات في المطبخ الإماراتي التقليدي، والمطبخ عادة ما يكون في إحدى زوايا البيت بعيداً عن غرف المعيشة، وأماكن راحة أفراد الأسرة، وقد تميز المطبخ بصغر حجمه، وباحتوائه على الأدوات والأواني التي تُستخدم في إعداد وتقديم الطعام، وتخزين بعض المؤن الغذائية، مثل التمور والطحين وغير ذلك.
وعادة تبدأ المرأة يومها منذ الصباح الباكر باستخدام الرحى، وهي آلة بدائية مصنعة من الحجر الخشن الثقيل لجرش الحبوب وطحنها، إذ تتكوّن من حجرين مستديرين فوق بعضهما، بحيث يكون الحجر الأسفل أصغر حجماً من الحجر الأعلى ليسمح للطحين المجروش بالخروج من الأسفل، كما يكون أيضاً ثابتاً غير متحرك، وفيه ثقب ضيّق في وسطه، يسمح بمرور محور خشبيّ أو معدنيّ يُثبّت في وسطه، ويسمى قُطْب الرحى، أما العلوي فهو الجزء المتحرك، والذي يؤدي دورانه إلى طحن الحبوب وجرشها، وبه ثقب كبير نسبياً في وسطه يسمح بإدخال الحبوب، كما يوجد ثقب صغير آخر في طرفه يُوضع فيه المقبض الخشبي الذي يُحرك به حجر الرَّحَى، أما ما يُعرف بـ "الفراشة" فهي قطعة خشبية مستطيلة كفراشة المغزل، بها ثقب في وسطها تُستعمل لمسك المحور الخشبي أو الحديدي وتثبيته حتى لا يتزحزح، وتُثبّت الفراشة في فتحة الحجر العلويّ من الرَّحَى، أما "الهادي" فهو خشبة على شكل عصا صغيرة تُثبّت في الثقب الجانبي لتكون المقبض الذي يُدار به حجر الرحى العلويّ، وأحياناً تُلّف عليها قطعة من القماش حتى لا تؤذي اليد، ثم "القُطب"، وهو المحور الخشبي أو المعدني الذي يدور حوله الرَّحَى، أما "اللُّـهوة" فهي الحفنة الصغيرة من الحبوب التي تُوضع تباعاً في داخل ثقب الرحى لطحنها وتسمّى "لُهْوة حَبّ"، كما يُقال: لهوة كبيرة أو صغيرة، واللهوة أقل من الحفنة، فملء اليد بالحبوب يسمى حفنة، أما اللهوة فهي نصف الحفنة تقريباً، بينما يتكون "الثقال" من قطعة منسوجة من صوف الغنم وشعر الماعز، تُبْسط تحت الرحى لجمع الدقيق والحَبّ المجروش، ويمكن التحكم بدرجة نعومة الحبوب بما يناسب الأكلة الشعبية التي يدخل جريش الحبوب في صناعتها كالهريس أو العصيدة أو الخبيص، ولا يقتصر استعمال الرحى على عمل الدقيق فقط، بل يمكن أن يجرش بها القمح لعمل الجريشة، وكذلك يجرش بها حَبّ العدس البلديّ، ليُعمل منه عدساً مجروشاً يُصنع منه طعاماً مختلفاً ويعتبر من ألذ الأطعمة وأشهاها.
ولا تستطيع امرأة واحدة تحريك الرحى الكبيرة "التارشة" بمفردها نظراً لثقلها. ولكن عادة ما تتعاون امرأتان في ذلك، ولأن المرأة عادة ما تجلس لفترات طويلة مع هذه الأداة فقد توطدت علاقة قوية بينها وبين الرحى، كما كانت النسوة أثناء عملية الطحن بواسطة الرحى، يتبادلن الحكايات والقصص الشعبية، ويتبارين في رواية الشعر والألغاز والأمثال، وترديد الأغاني، ويحرصن على مشاركة الفتيات الصغيرات لتعليمهن مهارات استخدام الرحى في طحن الحبوب.