الى الخلف
detail banner

المسار التنسيقي

detail banner
المسار التنسيقي: تنظيم المعرض الثاني لمجموعة جوجنهايم أبوظبي الفنية
فاليري هيلينجز

تتميز مجموعة جوجنهايم أبوظبي الفنية باحتوائها على تفاصيل دقيقة، فلم يكن هناك في البداية مجموعة شاملة من المقتنيات التي قد تكون نقطة انطلاق، ولذلك تم تطوير هذه المجموعة الفنية وفقاً للرؤية التي ظل فريق التنسيق الفني يعمل على تحديدها ومناقشتها. ومنذ عام 2009، تم الحصول على أكثر من 300 عمل فني لمجموعة فنانين عملوا في جميع أنحاء العالم خلال ستينيات القرن الماضي. ويعد الالتزام بتقديم وجهات نظر متعددة حول تاريخ الفن الحديث والمعاصر محور الرؤية التنظيمية. وتحقيقاً لهذه الغاية، يلتزم المنسقون الفنيون بمراعاة المعلومات المحددة ونقاط التداخل بالإضافة إلى التأثير على الإنتاج الفني الخاص بالتبادل الثقافي والتعاون عبر الزمان والمكان، وذلك من خلال اختيار أعمال معينة ليتم عرضها ضمن هذه المجموعة الفنية. وقد ساهمت الأبحاث التنظيمية والمناقشات المشتركة المستمرة مع الخبراء في مختلف المجالات في تطوير استراتيجية اقتناء الأعمال الفنية، والتي يمكن تلخيصها في الأقسام التالية: "من ستينيات القرن العشرين إلى الوقت الحاضر"، "الفنانون الراسخون"، "دراسة متعمقة حول (الفنانين والحركات الفنية)"، "تركيز غرب وجنوب آسيا وشمال أفريقيا"، "سرديات المجموعات الفنية وجهات العمل المعنية والأعمال التكليفية".

وقد ساعد تحديد سرديات المجموعة الفنية فريق التنسيق الفني على تحديد موضوعات مشتركة يمكن أن تشكل أطراً لصالات العرض في المتحف عند افتتاحه. وفي بداية العمل على أول عرض تقديمي لمجموعة جوجنهايم أبوظبي الفنية، قرر المنسقون الفنيون التركيز على الموضوع الفرعي لسرد الأعمال الفنية التجريدية التي تم وضعها لاكتشاف العديد من الفنانين نظراً لما شهدته فترة ستينيات القرن العشرين من مناقشة المفردات البصرية المجردة، من خلال استخدام مجموعة متنوعة من الوسائط مثل الضوء الذي تم إقامة معرضاً له بعنوان "أبعاد مضيئة: مختارات من مقتنيات جوجنهايم أبوظبي" (5 نوفمبر 2014-26 مارس 2015). وضم هذا المعرض لوحات، ومنحوتات، ومقاطع فيديو، وأعمال تركيبية تفاعلية لتسعة عشر فناناً، وتناولت أقسام المعرض الخمسة الضوء بصوره المتعددة وهي: الضوء الإدراكيّ، والضوء المنعكس، والضوء المطليّ، والضوء المحرّك، والضوء السماويّ.   وقد حظي فريق جوجنهايم أبوظبي من خلال هذا المعرض بفرصة رائعة لاختبار المنهجية الثقافية وسرديات المجموعة الفنية، كما ساعد هذا المعرض أيضاً في التعرف على تعقيبات الزوار لاطلاعهم على البرامج المستقبلية.

وفيما يتعلق بالمعرض الثاني لمجموعة جوجنهايم أبوظبي الفنية، قرر فريق التنسيق الفني اتباع نهج مختلف من خلال اقتراح كل عضو من أعضاء الفريق لخمسة أعمال فنية من المجموعة ليتم ضمها للمعرض بدلاً من اختيار أحد الموضوعات المعينة في البداية.  وذُهلنا من عدد التداخلات التي ظهرت بين اختياراتنا. وسرعان ما ظهرت مجموعة من الفنانين الأساسيين للمعرض وقدمت مجسّمات صغيرة لأعمال فنية كانت بمثابة نقطة انطلاق العديد من دورات المعرض في أحد النماذج الخاصة بصالة العرض 1 في منارة السعديات التي يقام بها المعرض. وأكدت معظم الأعمال المختارة على المعلومات الشخصية والجماعية، وعلى مفهوم الوقت والزمان والمكان، وعلى الفنانين الذين استكشفوا هذه الموضوعات من خلال استخدام المواد البسيطة الموجودة في حياتنا اليومية. وعلى مدار شهور عديدة من المناقشات، توصلنا إلى ضرورة التركيز على أداء كل من الإجراءات المباشرة التي ينتج عنها الأعمال، وعلى الممارسات الذاتية والأدائية التي تنتج عنها الرسومات، واللوحات، والمنحوتات، ومقاطع الفيديو. ويشير جزء كبير من هذا العمل إلى مشاركة المشاهد أو يدعوه إلى المشاركة. وبناءً على ردود فعل المشاهدين على أحد أعمال الفنانة يايوي كوساما (ولدت عام 1929 بمدينة ماتسوموتو، اليابان، وتعيش وتعمل في طوكيو) بعنوان "غرفة اللانهاية المنعكسة الممتلئة بألق الحياة" (2011) عند عرضه في معرض "أبعاد مضيئة"، رأينا أن الممارسة الأدائية تمثل جانباً مثيراً للفن في فترة ستينيات القرن العشرين لاستكشاف المزيد في معرضنا.

وبداية من قائمة الفحص الأولية الكبيرة بدرجة تناسب مساحة المعرض، بدأنا في تعديل وتحديد أعمالنا المختارة. وقد ساعدنا مشاهدة الأعمال وهي في المخزن على التركيز على الأقسام الفرعية للمعرض وعقد العديد من الاجتماعات مع مصمم المعرض. واتفقنا على تسليط الضوء على الفصول الأساسية من الأعمال الفنية الخاصة بفترة ستينيات القرن العشرين المدرجة في المجموعة الفنية: مجموعة غوتاي الفنية في اليابان (موتوناجا سداماسا، شيراجا كازو، تاناكا اتسوكو)، والواقعية الحديثة (نيكي دو سانت فال، وجان تينجولي، وجاك فيلجلي)، والمجموعة البحثية للفن البصري (خوليو لو بارك) في فرنسا، ومجموعة زيرو (غونثر أوكر) في ألمانيا، والفن المختزل والمفاهيمي في المملكة المتحدة (رشيد آرائين) ، وذلك من خلال كل من المواد الفنية والأرشيفية التي تسلط الضوء على العملية الإبداعية وتتيح الفرصة لدمج عروض الأداء التاريخية التي تمثل جزءاً هاماً من القصة. وساهم حسن شريف (ولد عام 1951 في دبي، وتوفى عام 2016 في دبي) في رأب الصدع بين ستينيات القرن الماضي والوقت الحاضر. وتضم مقتنيات جوجنهايم أبوظبي مجموعة كاملة من وثائق عروض ثمانينات القرن الماضي، والتي حققها في لندن ودبي. وكان لأعماله الفنية المفاهيمية والتجريبية والأدائية أثراً كبيراً على الجيل اللاحق من الفنانين في دولة الإمارات العربية المتحدة، مثل محمد كاظم (ولد عام 1969 في دبي، ويعيش ويعمل في دبي) وابتسام عبد العزيز (ولدت عام 1975 في الشارقة، وتعيش وتعمل في واشنطن العاصمة)، حيث كانا من ضمن الفنانين الذين عملوا منذ عام 2000 على تقديم أعمالهم في المعرض. وتشهد عروضهم الأدائية في الشارقة وفي وسط البحر في إمارة الفجيرة على التطور المستمر لهذه الأماكن وتأثير المكان الذي نعيش فيه ونسافر إليه على كيفية فهم وإدراك العالم والعصر الحالي.

وتعتبر هذه أيضاً سلسلة حقيقية من الصور الفوتوغرافية لطارق الغصين (ولد عام 1962 في مدينة الكويت، ويعيش ويعمل في أبوظبي) والتي التقطها في أبوظبي خلال عامي 2010 و2011 وكانت جزءاً من العمل التكليفي الخاص بالمجموعة الفنية. وفي 2010، تم دعوة الغصين لتطوير المشروع الفوتوغرافي المفاهيمي الذي يركز على تطور موقع ومبنى متحف جوجنهايم أبوظبي من مرحلة ما قبل الإنشاء حتى مرحلة الانطلاق. وتوضح الصور المعروضة مواصلة وتقدم العمل الذي سيتم استئنافه بمجرد بدء أعمال بناء المتحف. وتستدعي الأعمال التركيبية لسوزان حفونا (ولدت عام 1962 في درسدن، وتعيش وتعمل في القاهرة ودوسلدورف)، وأنري سالا (ولد عام 1974 في تيرانا، ألبانيا، ويعيش ويعمل في برلين) أوقات وأماكن محددة من خلال استخدام الفنون الأدائية كالرقص والموسيقى على الترتيب، والتي تعد بمثابة نقطة انطلاق لاكتشاف الموضوعات الأساسية للعملية الفنية والتفسير.

وظهرت العملية الفنية كفكرة رائدة أخرى بين مجموعات الأعمال المختارة للمعرض، مع وجود الكثير من الأدلة التي تكشف عن طريقة صناعتها وكيفية تحول عدد منها مع مرور الوقت أو استجابةً لتفاعل المشاهد. ومع رغبتنا في التأكيد على الحضور البشري من خلال ظهور الفنان أو آخرين والآثار الواضحة للأفعال المادية التي تم إجراؤها لتحقيق الأعمال المعروضة، اكتشفنا أيضاً أن الأعمال غير المتحركة يمكن أن تكون أعمال أدائية في الأساس. ووصف فريق التنسيق الفني عمل "وطني الأحمر" (2003) لأنيش كابور بأنه من الأعمال التركيبية النحتية الضخمة التي تتكون من خمسة وعشرين طناً من الشمع الأحمر على منصة دائرية كبيرة يبلغ قطرها 12 متراً، ويعتبر هذا العمل من أولويات المعرض. ويعمل الذراع الآلي بشكل مستمر على بناء وهدم النموذج مع تحركه فوق السطح الصلب، وبالتالي يقوم بعمليات البناء والتدمير على مرأى من المشاهد.

ورأينا أن ذلك قد يكون فرصة لتعزيز التزام معرض جوجنهايم أبوظبي نحو دعم الأعمال الأصلية للفنانين الذين على قيد الحياة. وفي معرض "أبعاد مضيئة"، تم تكليف رافائيل لوزانو هيمر (ولد عام 1967 في مدينة مكسيكو، ويعيش ويعمل في مونتريال) بإنشاء العمل الفني العام التفاعلي "نبض الكورنيش" (2005). ودعا هذا العمل الذي تم على كورنيش أبوظبي المشاركين إلى الإمساك بجهاز استشعار يعمل بالحاسوب لتحويل النشاط الكهربائي الخاص بقلوبهم إلى تسلسل ضوئي فريد موجه نحو السماء المظلمة باستخدام الكشافات الروبوتية التي يمكن رؤيتها في دائرة يصل نصف قطرها إلى 15 كيلومتر.

وفي هذا المعرض، دعا فريق التنسيق الفني حسام رحمانيان (ولد عام 1980 في نوكسفيل بولاية تنيسي، ويعيش ويعمل في دبي)، ورامين حائريزاده (ولد عام 1975 في طهران، ويعيش ويعمل في دبي)، وروكني حائريزاده (ولد عام 1978 في طهران، ويعيش ويعمل في دبي) لإنشاء عمل تركيبي يضم مجموعة من القطع الفنية، والأعمال الفنية الفردية، والمجموعات، ومقاطع فيديو، والفعاليات المباشرة. ولقد ركزت المحادثات الأولية على طرح عدة موضوعات مثل التشكيل والتفاعل والتواجد، ودور الحياة اليومية كمادة وموضوع، والمجموعة الفنية لجوجنهايم أبوظبي. وبمرور الوقت، قام الفنانون وفريق التنظيم بتنقيح الرؤية للتركيز على الحركة الفنية المعروفة بفلوكسوس، والمسرح، والإيماءات البسيطة، ولغة الجسد في الحياة اليومية، بالإضافة إلى الاستراتيجيات المستخدمة للتغلب على عوائق الاتصال. وقد تم الاتفاق على إمكانية مشاركة مختلف المساهمين الآخرين في تحقيق وتنشيط هذه الأعمال التركيبية التفاعلية، والتي سيتم تقديمها في صالة العرض الأخيرة للمعرض. يجسد هذا العمل التكليفي الذي قد يستمر أثناء فترة المعرض، جوهر معرض "مسارات إبداعية: تفاعل- تشكيل- تواجد".

وتم اختيار عنوان المعرض تحت اسم "مسارات إبداعية" في وقت متأخر.  ويعكس العنوان رغبة فريق التنسيق الفني للاحتفاء بالقدرة الفريدة للفنانين والإمكانيات المتوفرة لدينا لكي نشارك بفعالية في الحياة اليومية ونقدم شيئاً ذي معنى في هذا العالم.

"أبعاد مضيئة: مختارات من مقتنيات جوجنهايم أبوظبي"، كتاب المعرض (أبوظبي: هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، 2014). 
يضم فريق التنسيق الفني ساشا كالتر-واسرمان، وميساء القاسمي، وسارة دويدار، ومنيرة الصايغ، والمؤلف. ونود الإفصاح عن أسماء زملائنا السابقين وهم ريم فضة، وفيرينا فورمانيك، وفاوزكابرا الذين ساهموا في تطوير المجموعة الفنية وهذا المعرض.
أعضاء مجموعة غوتاي الفنية في هذا المعرض: موتوناجا سداماسا (ولد عام 1922في إيغا باليابان، وتوفى عام 2011 في تاكارازوكا باليابان)، شيراجا كازو(ولد عام 1924 في أماجاساكي باليابان، وتوفى عام 2008 في أماجاساكي)، وتاناكا اتسوكو (ولدت عام 1932 في أوساكا، وتوفت عام 2005 في نارا باليابان). ومن فنانين الواقعية الحديثة: نيكي دو سانت فال (ولدت عام 1930 في مدينة نويي سور سين بفرنسا، وتوفيت عام 2002 في مدينة سان دييغو بولاية كاليفورنيا)، وجان تينجولي (ولد عام 1925 في فريبورغ بسويسرا، وتوفى عام 1991 في برن بسويسرا) ، وجاك فيليجليه (ولد عام 1926 في كامبار بمنطقة بريتاني في فرنسا، ويعيش ويعمل في باريس) وظهر أيضاً أحد أعضاء المجموعة البحثية للفن البصري في فرنسا خوليو لو بارك (ولد عام 1928، في مندوزا بالأرجنتين، ويعيش ويعمل في مدينة كياشاة بفرنسا)، وأحد أعضاء مجموعة زيرو في ألمانيا غونثر أوكر (ولد عام 1930، في ويندروف بولاية مكلنبورغ في ألمانيا، ويعيش ويعمل في مدينة دوسلدورف بألمانيا)، ورائد الفن المختزل والمفاهيمي في المملكة المتحدة رشيد آرائين (ولد عام 1935 في كراتشي، ويعيش ويعمل في لندن).
نشكر زميلتنا روز دمير بسبب اقتراحها لهذا العنوان، وزميلنا فيصل الظاهري لتعاونه في اختيار العنوان الفرعي.