تُعد الاكلات التراثية من أبرز مظاهر التراث الإماراتي ، إذ تبرز كثيراً في المناسبات العائلية والرسمية والاحتفالات التراثية والأمسيات الرمضانية ، وهي جزء من حضارتنا وتراثنا ، ومن أهم الأكلات التراثية والتي تعتبر رئيسية وتقدم للضيوف ، أكلة الهريس .
في الماضي كان أفراد الأسرة وأطفال الفريج يتجمعون حول القدر التي تكفي أحياناً لإطعام نصف سكانه ، فيما كان ضارب الهريس يحضر المواد الأساسية ويضعها في القدر التي تغلي فيها المياه ، ومنها نقع القمح طوال الليل، وسلق اللحم بعد غسله بالماء في القدر، وبعد أن يضيف هذه المكونات يحرك الخليط بين الحين والآخر لمدة أربع ساعات تقريباً، مع إضافة ماء ساخن كلما لزم الأمر.
بعدها يتم رفع العظام من الهريس، والمادة المتكونة على سطح الهريس في وعاء منفصل، ثم يملّح ويضرب الهريس مع اللحم بقطعة من الخشب تسمى " مضراب"(1) ، ويسكب في أطباق مع اضافة السمن المحلي. (2)
وهناك طريقة أخرى لإعداد الهريس تتمثل بغسل القمح جيداً بعد تنقيته من الشوائب ، ووضع اللحم في القدر ،ثم القمح ، ويسخن الخليط حتى يغلى ويدَك بقطعة من الخشب " مصدام هريس " ثم يوضع القدر في حفرة خاصة معدة سابقاً ومفروشة بالجمر ويغطى بالفحم حتى الصباح حيث يتم اخراج القدر ويكشف عنه ويقلب الهريس داخل القدر عدة مرات حتى يصبح جاهزاً، (3)ويسمى هذا تنور الهريس. (4) وصنع الهريس تغير كثيراً، إذ بات سهل التحضير ، بوجود الخلاط أو المضرب الكهربائي ،وهي ماكينة كبيرة تقوم بعمل مضرب الهريس اليدوي، الذي يخلط المكونات ويجعلها تتجانس ، غير أن مذاق الهريس المضروب يدوياً لايمكن الحصول عليه بواسطة الخلاط الكهربئي. وبعدها يتم إضافة السمن البلدي لتصبح وجبة شهية لذيذة المذاق، سهلة الهضم. (5)
وفي السابق كانت حبوب الهريس إما تزرع في بعض القرى أو يتم شراؤها، خصوصاً عند سكان الساحل، إذ كانوا يدقونه ويطحنونه، فيما تقوم الأسر قديماً بتوزيع ما يفيض عن حاجتها على البيوت المجاورة.
وتقوم أغلبية الأسر بإحياء هذا الموروث حيث يتصدر الهريس موائدها في العديد من المناسبات ، ومنها :مايُعرف " بالطلوع " وهو أربعين بعد الولادة ، حيث تحتفل الأسر بهذه المناسبة بتوزيع الهريس للجيران ،وأيضاً تقديمه إلى الضيوف القادمين للاطمئنان على صحة الأم والطفل ، كم يقدم الهريس في مناسبات أخرى كحفلات " الطهور " أو " ختان الأولاد " ومجالس ختم القرآن الكريم. (6)